التعالي واحتقار الآخرين .. لماذا انبهر البعض بحديث بيريز عن السوبرليج؟

 المشروع انهار أسرع من المتوقع

خرج فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد، بتصريحات نارية كما يحب أن يطلق عليها البعض خلال حديثه عن مشروع السوبرليج.

بيريز تكفل دونًا عن جميع المشاركين في هذا المشروع للحديث بشكل علني عن هذا الأمر، ليكون القائد الأول له في السر والعلن.

رئيس ريال تلقى صفعة قوية بعدها سريعًا، فور انسحاب الأندية الإنجليزية من السوبرليج، قبل أن تنضم باقي الأندية لتنهار الفكرة تمامًا.

ومع ذلك دافع البعض بطريقة غير مفهومة عن ما قام به بيريز، ووصفوه بالبطل بسبب ما قاله في التصريحات المطولة التي أدلى بها.

احتقار الآخر

بيريز قال في تصريحات مع الإعلامي جوسيب بيدرول:"عندما لا يكون لديك دخل سوى عن طريق حقوق البث فيجب البحث عن الحلول، والحل هو منح الجماهير مباريات أكثر جاذبية، هناك 40% من الشباب لا يهتمون بالمباريات ذات التنافسية الأقل".

وأضاف: "لقد خسرنا الكثير من الأموال هنا في ريال مدريد، وكرة القدم في حالة سيئة، ويجب أن تتطور، لقد سرع فيروس كورونا من الأمر، لكنه كان سيحدث بأي حال، ودوري أبطال أوروبا فقد بريقه، ولذلك أنشأنا البطولة الجديدة".

حديث بيريز يبدو احتقارًا واضحًا للفرق الأقل شهرة من الأندية المشاركة في السوبرليج، ويعتقد أن هذه المباريات لا تمثل أي جاذبية للشباب وأي شخص مهتم بكرة القدم.

ومع ذلك خرجت الجماهير الإنجليزية في الشوارع، لتنفي كل ما قاله قائد مشروع السوبرليج، بأنها لا تمانع الذهاب إلى بيرنلي ونيوكاسل وتفتقد الليالي الباردة في ستوك، ولا تريد مشاهدة فرقها تلعب ضد ريال مدريد وبرشلونة بشكل أسبوعي.

أندية مثل ليستر سيتي ووست هام تقدم مستويات أفضل من توتنهام وآرسنال هذا الموسم، ومن وجهة نظر بيريز فهي أندية لا تستحق الاهتمام من الأساس مقارنة بالثنائي الذي كان من المقرر دخوله السوبرليج.

انعزال عن الواقع

وعن قدرة الأندية "الصغيرة" على المشاركة في البطولة أوضح بيريز: "أنه من الصعب إشراك فريق صغير من تركيا في هذه البطولة، لأنهم لن يقدموا الجاذبية التي ستقدمها هذه الأندية الكبيرة"، موضحاً أن هناك 4 أندية من كل دوري يمكنهم الانضمام".

وتابع: "انظروا إلى إحصائيات القنوات وراقبوا عدد المشاهدات على المباريات الكبيرة و قارنوها بالمباريات الصغيرة".

واصل بيريز تقليله من الأندية الأخرى، وهذه المرة مع الأندية بالدوريات الأخرى، ومن وجهة نظره فالباب سيغلق تمامًا أمام حدوث أي مفاجأة في كرة القدم.

اللعبة التي أبهرتنا بحصول اليونان على يورو 2004 وليستر سيتي بالدوري الإنجليزي في 2016، ستنحصر فقط على الكبار الذين سيحصلون على أرباح طائلة من السوبرليج، لتكون الأندية الأخرى عبارة عن مكان للتسوق منه لضم اللاعبين.

الفكرة لاقت إعجاب معظم مشجعين الفرق الكبرى بطريقة غريبة، وكأن الأندية الصغيرة يجب أن تنتهي وتستسلم للأمر وتخرج تمامًا من اللعبة كفرق درجة ثانية لا توجد أمامها أي فرصة للارتقاء.

وبالنظر إلى حديثه عن عدد مشاهدات المباريات وإحصائيات القنوات، سنجد أن أغلى مباراة في العالم ليست الكلاسيكو أو ديربي لندن أو مانشستر أو ديربي الغضب في إيطاليا، بل مباراة دوري الدرجة الأولى المؤهلة للدوري الإنجليزي والتي بلغت قيمة أرباحها 160 مليون جنيه استرليني للفريق الفائز الموسم الماضي، ومن وجهة نظره فهي بلا قيمة.

الحديث بلسان الآخرين

مرة أخرى قام بيريز بالتحدث بلسان الشباب، بأنهم شعروا بالملل من مشاهدة المباريات فرقهم مع الفرق الأخرى متوسطة المستوى.

وقال الإسباني: "لا أعلم، لكن يجب القيام بشيء ما لأن الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و 24 عامًا يحتاجون إلى ذلك، حيث لم يصبحوا بنفس الشغف على مستوى مباريات كرة القدم".

واسترسل: "هؤلاء الشباب يتخلون عن كرة القدم لأنها تسبب لهم الضجر أمام وسائل الترفيه الأخرى التي يفضلونها والتي هي أكثر حداثة في الوقت الحالي وأكثر قدرة على استقطابهم بسهولة".

وفي السياق ذاته تابع: "هناك أربعة مليارات من مشجعي كرة القدم منتشرين في جميع أنحاء العالم ونصفهم من مشجعي أندية دوري السوبر الأوروبي، كرة القدم هي الرياضة العالمية الوحيدة".

مرة أخرى يتحدث بيريز بلسان الشباب، دون أي دليل مادي واضح على فقدان البعض الشغف تجاه كرة القدم في الفترة الأخيرة.

من وجهة نظره أن ما كان يريد القيام به ليس بسبب الأزمة المالية والقرارات الخاطئة التي اتخذتها بعض الأندية، والتي أفقدت بعض المشجعين للشغف بسبب تراجعها.

فعلى سبيل المثال هناك آرسنال ومالكه ستان كرونكي شريك بيريز في المشروع، الذي يقوم بتدمير الفريق اللندني بالتدريج، وجعله في وسط جدول الدوري الإنجليزي، هذا سبب أهم لقتل الشغف وليس المباريات المتوسطة.

فرق مثل برشلونة والصورة الباهتة التي ظهر بها النادي مع جوسيب بارتوميو، السبب فيها يعود للقرارات الخاطئة والإدارة الفاشلة، وليس بسبب طبيعة كرة القدم التنافسية التي تعودنا عليها منذ ظهور اللعبة وحتى هذه اللحظة.

تصريحات بيريز أصبحت بلا قيمة بعد انهيار السوبرليج، لكنها أظهرت الطريقة التي ينظر بها تجاه اللعبة، وهو ما ينذر بمحاولة أخرى لهذا المشروع في المستقبل القريب.